عين على الفن التشكيلى
  الانطباعية فى الهواء الطلق
 


الانطباعية في الهواء الطلق



 الانطـباعـية أسلوب فني يُقوم على الانطباع الفوري عن شيء أو حدث ما.

ويحاول الرسّامون الانطباعيون أن يُظهروا ما تراه العين لأول وهلة خلافًا لما يعرفونه أو يشعرون به بالنسبة للشيءأو الحدث.

كما يحاولون إعادة إبراز الضوء كما يبدو للعين منعكسًا من علىسطوح الأشياء.

ولهذا السبب فإن كثيرًا من اللوحات الانطباعية تبدو وكأنها ذات لمعان اهتزازي.

ويوضح بعض الرسامين هذا الانطباع بوساطة أسلوب تقسيم الألوان، ويضعون الألوان النقية غير الممزوجة في شكل لمسات صغيرة متجاورة بالفرشاة،بدلاً من مزجها على لويحة خلط الألوان.

وهناك أعمال انطباعية أخرى في مجالات الموسيقى والأدب، والنحت، إلا أن الانطباعية في مجال الفن أكثر أهمية.

في هذه المدرسة أي (الأنطباعية) حمل الفنان مرسمه وخرج للطبيعة وتخلى عن المراسم والغرف المغلقة .

كان هناك ما يسمى بالرصد لتلك الحالة المتجلية في الهواءالطلق ليضفي الفنان على عنصر المشهد الماثل أمامه حالة حسية انطباعية .لها علاقةمباشرة مع إحساسه بالمشهد بطريقة حسية سميت بالانطباعية وقد تميز أعمال الانطباعيين ومنهم الفرنسيين خاصة بتركيز الفنان على عنصري الظل والنور .

ولد جيلالانطباعيين في الفترة الممتدة بين الأعوام 1830 - 1841 ، وعلى الرغم من أنهم كانوايختلفون إفرادا في خلفياتهم وتدريبهم وأمزجتهم تماماً إلا أنهم كمجموعة كانوايملكون الاندفاع الحاد ذاته في التفرد والإخلاص .

كلهم قدموا إلى باريس حوالي عام 1860 ، ونشأت بينهم جمعياً زمالة صادقة في التو ، وتميزت مجموعتان فيتكوينهما ، إحداهما في الأكاديمية السويسرية وتركزت حول بيسارو ، والأخرى في ستوديو " غلير " وتركزت حول مونيه.

كان ستوديو " غلير " يتمتع بسمعه طيبة نسبياً ،لتحرره من الأساليب المتزمتة في طرائق التدريس ، تضاف إلى ذلك مزية أخرى هي الأجورالواطئة التي كان يتقاضاها من الطلبة ، والجو الطبيعي الرائق الذي كان يحيط به ،فكان أن تناوب على الدراسة فيه أكثر من خمسمائة فنان ، ولم يدخر مونيه وسعاًللانضمام إليه ، برفقة عدد من أصحاب الجدد مثل : بازيل وسسلي ورينوار ، وقد بقي هؤلاء على صلة مستمرة بأصدقائهم الآخرين في الأكاديمية السويسرية ، بفضل مونيه وبازيل، و في ربيع عام 1864 أغلق معهد " غلير " أبوابه نهائياً ، فانتقل مونيه ورفقاؤه إلى غابة " فونتنبلو " حيث شرعوا يرسمون في الهواء الطلق عن الطبيعة رأساً.

قبل حرب عام 1870 ، كان انطباعيو المستقبل لما يزالون يقتدون بالمجموعةالمؤلفة من بودان وجونكند وكورو ودوبينيي ، وفي مقدمتهم كوربيه ، ومنذ عام 1865 ومابعده ، صاروا على صلة مباشرة بمن سبقوهم وأثروا فيهم ايما تأثير ، لاسيما بعد أنعمل البعض منهم معاً في باريس ، وفى غابة " فوننتنبلو " وعلى ساحل المانش.

يمثل عام 1863 علامة مميزة في تاريخ الرسم ، ففي العام المذكور لحظ كاستنياري ، الذي كتب عن اللوحات التي عرضت على الجمهور في " الصالون " الرسمي بباريس ، وحاول أن يقوم ما وصفه ب" الاتجاهات الحقة التي سلكها الفن في عصره " التحول من " الواقعية " الدرامية التي تلعب بالعواطف الى " الطبيعة " المتحررةمؤشراً كافياً الى الموقع التاريخي الذي احتله مانيه وأنطباعيو المستقبل بالنسبة لكوربيه.
في العام ذاته ، توفي ديلاكروا تاركاً وراءه أمثولة ثمينة للفرديةوالحرية الخلافة كان تأثيره في الانطباعية كبيراً ، حتى أن سيزان أطلق عليه ( أجمل " باليت " في فرنسا ) ، وقد تجلى ذلك في الدراسة التي كتبها بول سنياك عنه في العام 1899 بعنوان ( من يوجين ديلاكروا الى الانطباعية الجديدة).

تنقل مونيه وزملاؤه ، قبل أن يستقر بهم المقام على ضفاف نهر السين حيث أتخذ أسلوبهم شكله النهائي ، من " إيل دي فرانس " إلى ساحل البحر ، ومن غابة " فونتنبلو " ، التيمارسوا رسم مشاهدها على غرار من سبقوهم ، الى شواطئي بحر المانش حيث اكتسبت أوانهمبريقها بسرعة ، كان هذا المكان بمثابة مأوى قديم لرسامي الألوان المائية الإنكليز ،وللرومانسيين أمثال : ديلاكروا وهيوي وفلير واسابي ودوبري ، يزورهم كوربيه أحيانا ،ثم ما لبثوا أن هجروه ، في الأيام التي ازدهرت فيها مدرسة " الباربيزون " ، واضحي السين والساحل النورماندي مركزهم المفضل للرسم في الهواء الطلق بين الأعوام 1858 - 1870.

هنا . . ولدت الانطباعية ، والفضل في ذلك يعود الى يوجين بودان ،الذي استضاف مونيه وكوربيه وبودلير وجونكند وعدداً آخر من الشباب ، الذين فتحواعيونهم على اللون السحري للضوء والماء.

لحظ كاستنياري منذ بداية عام 1863أن عظمة جونكند تكمن في الانطباع الذي يولده رسمه ، وعلى الرغم ن أن صورة المنجزةفي الأستوديو هي أعمال مكثفة ومتشابكة إلا أنها بقيت ضمن الإطار الرومانسي الواقعي، وكانت لوحاته المائية متميزة بلمسة حرة سريعة مشرقة مستمدة من الحياة رأساً.

كان الوعي حاداً بالمشهد المعاصر آنذاك ، وما يبدو اليوم لنا طبيعياًوضرورياً كان يعتبر ، لا سيما في الفن ، بدعة ثورية في أواسط القرن التاسع عشر ،حيث التقاليد الموروثة راسخة منذ القدم ، وقد تولد هذا الوعي نتيجة الإحساس المرهف للماضي ، ولمظاهر الحياة الجديدة التي شرعت تزحف على المدينة باطراد ، بسبب الثراءالذي رافق التقدم الحضري والصناعي وتفجرت الشاعرية في عالم الرسم في عام 1860 - 1861 في لوحة مائية الموسومة " حفلة موسيقية في قصر التويلري " ، لم تكن جرأتهاتكمن في اختيار الموضوع ، على الرغم من أنه كان في الواقع جريئاً في ذلك الحين ، بلفي الانسيابية الحية الموجزة لضربات الفرشاة المتناغمة تناغماً كلياً والطريقةالحديثة في الرؤية ، المتسمة بالتلقائية في الاستجابة ، لقد عري مانيه العرق الفني الذي طالما أشار إليه بودلير ، وكان الفن جاء بعده وأطلق عليه (الرسم الحديث)، هوفي الواقع الرسم الصادق الأمين لذلك العصر.

مارس مونيه ورينوار وبازيل أولمامارسوا رسم القوام الإنساني في الهواء الطلق بين الأعوام 1865 - 1868 ، تحتالتأثير الطاغي لكوربيه ومانيه ، لقد حققوا في البدء مواضيعهم الأولى كرسامينرومانسيين ، ثم ضمن مدرسة " الباربيزون " المستقلة ، وبقيت غابة " فانتنبلو " أيضاالخلفية المفضلة للتجارب الانطباعية الأولى التي كان رائدها المتحمس مونيه الذي أضحي " الموجه الأول للانطباعيين " على حد قول ليونيلو فينتورى ، وبتعاظم حركةالرسم في الهواء الطلق بدا ظل الشمس وكأنه أمسى طوع بنانهم ، وهلل الانطباعيون ،وفى مقدمتهم كوربيه ، للتأثيرات الخلابة التي يمكن استخلاصها من الأشكال الرشيقةوالألوان البراقة للنساء المتأنقات في ضوء الشمس.

كانت الانطباعية غزواًتدريجاً للضوء أضحى يؤلف قاعدة أساسية في الرسم ، وكان ميدان فعلها وازدهارها المناظر الطبيعية ، حيث تتلاشى التحديدات في تقلبات الجو الحادة المتعاقبة ، لكنالتجربة مع الضوء واللون لم تكن هي القصة كلها مع الحركة الانطباعية ، فقد ولدت الدراسات المفيضة للقوام البشري مشاكل عديدة للشكل والفضاء والتكوين ، وسعدت لإيجادالحلول لها ، وكان ثمرة ذلك نشوء طريقة جديدة لرؤية العالم ، عززت من جرأتها الموجةالتي صاحبتها آنئذ بذيوع المطبوعات اليابانية وتطور التصوير الفوتوغرافي.

ولما يقرب من قرن ، نحت الثورات الفنية نحو احتلال مواقعها معتمدة علىأساليب قائمة راسخة في القدم ، سواء أكانت هذه الأساليب عريقة أم دخيلة أم بدائيةفي طبيعتها ، وبالنسبة للانطباعيين ، كان سحر الفن الياباني يتجلى في عفويتهالزخرفية ، وفي طريقيه الساحرة لتشطير العالم المرئي وفق التناغم اللوني والخطي ،وفي تحولاته المفاجئة في تناقضات قيم النور والعتمة ، وكان الدور الذي لعبه التصويرالفوتوغرافي في عاملاً موازياً في الأهمية على الرغم من أنه لم يعط الأهمية التي يستحقها ، كان تأثيره غير مقصود في الواقع ، مادامت عدسة الكاميرا توجه وتدار منقبل حاملها وفقاً لأذواقه وأفكاره ، وقد ظهرت أولى اللقطات الفوتوغرافية في حواليعام 1863 ، كما ظهر التصوير الجوي والمناظر شبه المجسمة في حوالي عام 1865 ،والمقارنة بينها وبين اللوحات المعاصرة آنذاك تمدنا حقا بمزيد من المعرفة ، فقدعززت الكاميراً وعجلت في النمو الطبيعي للأسلوب الانطباعي ، وبالتالي رسخت النظرةالتحليلية والنفسية تجاه العالم المرئي .
 
  عدد زوار هذا الموقع 129356 visiteurs:شكرا  
 
Ce site web a été créé gratuitement avec Ma-page.fr. Tu veux aussi ton propre site web ?
S'inscrire gratuitement