عين على الفن التشكيلى
  المستقبلية
 


 

 

المستقبلية

منذ أوائل هذا القرن. كانت حركة جديدة تاخذ بالظهور بصورة موازية للتكعيبية، وقد سمت نفسها بالمستقبلية وان كانت تحمل مظاهر متعدّدة .

ولدت هذه الحركة فى ميلانو وانتقلت الى باريس عام 1909 وبعد أن سيطرت بسرعة فائقة على ايطاليا وعلى جزء كبير من أوروبا الغربية .ولقد كانت هذه الحركة سياسية و اجتماعية وفلسفية وفنية فى وقت واحد ، وكانت تهدف الى مقاومة الماضى بكليته ولذلك سميت ( ضد الماضى ) أو المستقبلية .

ونستطيع تلخيص مبادىء المستقبلية بالنقاط التالية :

1ـ يجب اختصار جميع أشكال المحاكاة ، واحترام الاشكال البدئية .

2ـ يقضى التمرد على طغيان فكرة الانسجام والذوق الجيد وهى مصطلحات مطاطية يمكن عن طريقها أن نهدم ببساطة أعمال زامبرنت و غويا و رودان .

3ـ لافائدة من النقاد الفنيين على الاطلاق .

4ـ يجب اقصاء ( تكنيس ) جميع المواضيع الجامدة ، و الانصراف للتعبير عن حياتنا القلقة التى نعيشها فى عصر الفولاذ ، و الغرور و الحمى و السرعة.

5ـ ان الألوان المتممة فى التصوير ، ضرورية جدا كالوزن بالنسبة للشعر ، وكالبو ليفونى فى الموسيقى .

6ـ أمام الدينامية فى الحضارة الجديدة لا بد أن يكون الفن تعبيرا عن الحركة الدينامية.

7ـ يجب أن نعتبر عند محاكاة الطبيعة ، على الصدق و الطهارة قبل أى شىء آخر .

8ـ ان الحركة و النور يقضيان على مادة الاجسام .

ولقد عبر البيان المستقبلى أيضا عن كرهه للجمال الكلاسيكى ، واقترح هدم المدن الاثرية ودرسها ، واشعال النار فى المتاحف و المكتبات ، وطالب أيضا بطرح العقلانية و الفلسفة المدرسية من حساب الفنان ، وقد ورد فيه ان الجمال يورث الحرب ، وان جميع الاشعار تحض على الخصومة و الاصطدام وعلى القتل و الثورة ، وبهذا تتقمص الروح العسكرية جميع الفضائل العليا للانسان .

ولقد انكر الفنان المستقبلى جمال المرأة ، واستبدل العراء بجمالية استخلاصها من طريقة التصوير ذاتها ، ولقد حصر اهتمامه بدراسة الحياة ودراسة الانسان فى القرن العشرين ، قرن السرعة و العمل التقنى . يرتعد المستقبلى أمام التأمل ، والحلم والسكون فيمضى للبحث عن المغامرة و المخاطرة لكى يحصل انطباعاته و أفكاره من جمال الكهرباء وجمال السيارة و الطيارة . ولقد قال مارينتى : ان سيارة السباق أجمل من تمثال النصر ساموتراس .ولقد بدت ثورتهم التشاؤمية فى انتاجهم المعبر عن دينامية العمل و الحركة و الحياة .

وفى الفن ، رفض المستقبليون جميع أساليب الماضى بما فيها الأسلوب التكعيبى لاحتوائه على الصيغ السكونية ، و بالمقابل استند رسمهم ونحتهم الى أساسين حركيين : حركة الاجسام فى الفضاء وحركة الروح فى الجسد . ولهذا فان الفنان المستقبلى كان يسعى لادخال المشاهد الى أعماق موضوع اللوحة ، لكى يعطيه المعنى الفيزيائى للحركة ، ولهذا لجأ المستقبليون الى طريقة اصطناع التركيب البصرى الذى اكتشفوه ، والذى يرتكز فى حد ذذاته على ظواهر الرؤية المستخلصة من جهاز التصوير و السينما ، فخطوط القوة و مساحات شدة اللون ، تخلق الانطباع السينما سكوبى ، وتحل هى نفسها محل الموضوع لكى تعبر عن الليونة و الطاقة و الحركية . ولقد عبر الفنان المستقبلى عن الصورة المتغيرة بتجزىء الاشكال الى ملايين النقاط و الخطوط و الألوان ، وكان بذلك قريبا من الانطباعية المحدثة و خاصة بالتقنية التنقيطية كما كان الخطوة الاولى الاساسية للفن البصرى .

ويقول بوكسيونى ن تتضمن المستقبلية ثلاثة عناصر جديدة :

1ـ حجم الاشياء الذى يجب ألا يذوب فى ضباب الهدف التعبيرى .

2ـ خط الحركة الذى يجب أن يعزز الحجم .

3ـ الوسط المثير للشعور ، وهو يقابل الانطلاق الحيوى الذى جاء به برغسون .

وهنا نرى المستقبلية قد تأثرت أيضا بالبعد الرابع الذى جاء به أنشتاين ، كما تأثرت بفلسفة كروتشى الذى دعا الى تحسس الروح و الحياة و الأشياء .

ولئن ازدهر الفن الحديث فى ايطاليا كما ازدهر فى باقى أوروبا ، فان المستقبلية لم تلق خارج ايطاليا التأييد المقابل ، فقلما تاثر الفنانون فى أوروبا الغربية بهذه المدرسة ، اللهم الا تأثيرها الطفيف على التعبيرية الحقائقية فى بداية ظهورها ، وكان تأثيرا فكريا أكثر منه صيغيا ، ثم تأثيرها القوى على المدرسة البصرية الحديثة .

والواقع أن المستقبلية لم يكتب لها عمر طويل ومبدعها بوكسيونى بعد سبع سنوات من ممارستها ، ثم تبناها كارا ورسولو و سيفيرينى من بعده .

وانتقلت المستقبلية الى فلورنسا ثم أخذت شكلا جديدا على يد سيرونى القلق و برامبولينى الذى نادى بقصف الأكاديميات ، ووديبرو التجريدى الذى التقى مع الدادائية . وانتقلت المستقبلية الى روسيا على يد بورليك و الشاعر ماياكوفسكى . ثم ظهر فى المستقبلية اتجاه يقوم على التصوير من الاعالى اطلق عليه اسم .  التصوير الهوائى كان من دعاته ، مارينتى و بالا و ديبرو و فيليا .


 

 
  عدد زوار هذا الموقع 128549 visiteurs:شكرا  
 
Ce site web a été créé gratuitement avec Ma-page.fr. Tu veux aussi ton propre site web ?
S'inscrire gratuitement