الوحشيون هم مجموعة من الشباب لا تربطهم اى رابطة فى الاتجاه ، الا رابطة الثورية التى تدفعهم الى تجاون مجتمعهم وزمنهم و تقاليدهم . ومع ذلك فاننا نستطيع اسنادا الى مركز التقائهم ، تصنيفهم الى ثلاث مجموعات أولا ـ مجموعة مرسم غوستاف مورو . وهم : ماتيس ، ماركيه ، وكاموان ، ومانغان و بوى ، ثم انضم الهم الهولندى فان دونغن .ولقد أقام ماركيه فى طنجة و الجزلئر و مصر زمنا طويلا .
ثانيا ـ مجموعة مدرسة شاتو و المشكلة من الثنائى غلامنك و ديران .
ثالثا ـ مجموعة الهاغر وهم فريز و دوفى و براك .
أما المجموعة الأولى ، فلقد تأثرت بتعاليم مورو فى مدرسة الفنون الجميلة وكان مورو قد زار البلاد الشرقية وتأثر بفنونها ، وابتدأ حياته مغنيا ، ثم انصرف الى الفن بتأثير الفنان المستشرق شاسيريو .
و المجموعة الثانية تأثرت بالفن الزنجى فلقد عثر فلامنك على تماثيل زنجية ملونة بأسلوب صانعها وألوانها ، وانتقل هذا التأثير الى ديران ومن ثم الى بيكاسو الذى استفاد من ذلك فى لوحة ( آنسات آفنيون ) .
أما المجموعة الثالثة فلقد كانتا علاقتها بالفن العربى فى المغرب واضحة عند فريز ودوفى .
هنرى ماتيس 1869 ـ1954
ولد ماتيس فى كاتور كامبريزى ( فرنسا ) وقد درس الحقوق ثم ابتدأ الرسم عام 1890 فى أكاديمية جوليان ، ودرس على غوستاف مورو و تأثر بسيزان . كما اشتغل مع سينياك وتأثر بالانطباعية المحدثة .
وفى عام 1905 اشترك فى أول معرض للوحشيين وسافر الى كورسيكا وألمانيا و اسبانيا و روسيا و زار المغرب فى عام 1911 و عام 1913 حيث درس الفن العربى وتأثر به . وكان قد زار فى ميونيخ عام 1903 المعرض الاسلامى . فأعجب بالفن الاسلامى اعجابا شديدا وفى عام 1930 سافر الى الولايات المتحدة والى تاهيتى ، وفى عام 1938 أقام قرب نيس ثم فى فانسى وفيها زين الكنيسة ثم حصل على مكافأة كانيجى الدولية من الولايات المتحدة كما حصل على الجائزة الكبرى لمعرض بينالى البندقية .
بعد مرحلة الانطباعية المحدثة ، تأثر ماتيس بالتنقبطية ، وبعد أن مر بتجارب فنية غنية قام بالتصوير مستعينا بالاشكال المبسطة و الألوان الصريحة وبهذا اعتبر استاذا للوحشيين ، كما اعتبر مؤسس الصفائية فى الفن .
وقد تجلت عبقريته التصويرية ، وذوقه العالى وحسه بالتوازن فى تناغم الألوان ، وفى الرقش العربى الذى كثر منه فى موضوعاته الاخيرة التى تمثل الطبيعة الصامتة أو صور العرى . ويمكننا اعتبار تزيين كنيسة فانسى أعظم عمل قام به .
لقد وضع ماتيس جسرا فنيا بين الماضى و المستقبل ، فأوجد بذلك الصيغة الرئيسية للفن المعاصر ، معتمدا الى أقصى حد على الخطوط اللينة ( الأرابسك ) وعلى ألوان الشمس التى استهاها من المغرب العربى .
البير ماركيه 1890 - 1947
ولد فى بوردو عام 1890 ، تأثر بفن غوغ و الانطباعية ثم اندمج بالوحشيين ومات فى باريس . سافر الى المغرب العربى ومصر وتأثر كثيرا بالفن العربى . وقد لعتبر فنان المدن و المرافىء و الجسور .
جورج روو 1871 ـ 1958
ولد جورج روو فى باريس من عائلة تشتغل بصناعة الاثاث .ثم اشتغل عاملا عند فنان زجاجى . وفى عام 1891 ، كان طالبا لغوستاف مورو فى مدرسة الفنون الجميلة وفيها تعرف على ماتيس .
احتك بالوحشيين ، وصور رسوما تزيينية لكثير من الكتب الأدبية ، أشهرها السيرك وأزهار الشر ، وغيرها .وبعد عام 1940 أخذ تصويره طابعا دينيا وخاصة فى رسومه الزجاجية . وبعد مرض شديد مات فى باريس عام 1958 .
عدى عن اسلوب روو الجاف القاسى فلقد كان يعبر فى موضوعاته عن نظرة نقدية تشبه تلك التى لغويا ودوميه ، ولهذا كان تعبيريا أيضا الى جانب ألوانه الصارخة المضطربة .
راوول دوفى1877 ـ 1953
ولد دوفى فى الهافر ( فرنسا ) ودرس الفن فى مدرسة ليلية ثم أوفدته البلدية الى باريس كى يدرس فى مرسم بونارد . وفى باريس تأثر بأعمال فان غوغ و ماتيس و بحركة الوحشيين ، ثم تأثر بسيزان و التكعيبييين . ابتدأ دوفى انتاجه الفنى برسم الازياء لمصمم الأزياء الشهير ( بول بوارى ) وكان يصمم رسوم الاقمشة و الأثاث و المسارح ملابس الباليه . كما نفذ تزيينات جدارية لقصر الكهرباء ، وللمعرض العالمى فى باريس عام 1937 ثم تزيين أيضا قصر شايو .
سافر الى صقلية و المغرب و نيويورك . وفى عام 1952 حصل على الجائزة الكبرى لمعرض بينالى البندقية وتوفى فى فور كالكيه .
ابتدأ دوفى انطباعيا ثم أصبح وحشيا ثم تكعيبيا ، وأخيرا كان له أسلوبه الخاص المتميز بالحس القوى و بالخط و اللون . ولقد كانت موضوعاته المفضلة البحر و الساحل وسباق الخيل ، رسمها دوفى بروح غنائية متأثرا بموسيقى ديبوسى وموزار من الناحية اللحنية و النظرية . فلقد كانت لوحاته مليئة بالايقاع و فرحة الحياة.
موريس فلامنك 1880 ـ 1954
ولد فلامنك فى باريس . وابتدأ حياته كعازف على الكمان ، ثم انتقل الى الرسم مع ديران فى مرسم الاخير فى شاتو . وفى عام 1901 زار فان غوغ فى باريس واندمج بالتعبيرية . واشترك عام 1905 فى معرض الوحشيين فى باريس . وخلال الحرب العالمية الاولى كان جنديا ، وقد مر بجميع الاساليب الفنية وخاصة التعبيرية .
لم يحفل فلامنك بالنظريات الفنية ، ولقد أحب الحياة و الطبيعة و الموسيقى وأخذ يرسم بغريزته . وكانت علاقاته بديران و ماتيس وقد قوت طابعه الوحشى ، لكنه بتأثير سيزان الشديد عليه أصبحت أشكاله نغلقة وألوانه عميقة . ثم ما لبث أن ترك جميع هذه التجاهات ماضيا منذ عام 1915 نحو التعبيرية ، حيث تميز بألوانه الصارمة القوية.