
فن الأنبياء

فى عام 1888 زار سيروزيه الفنان غوغان فى بونت افن، وعند عودته كان قد تكونت لديه طريقة جديدة عرضها بلوحته الطلسم على زملائه فى أكاديمية جوليان، وعندما أقام الانطباعيون و التركيبيون أمثال غوغان و برنان ولافال معرضهم فى مقهى فولبينى فى أوائل عام 1889، ظهر فى هذا المعرض اتجاه جديد يحمل لواءه بونارد وايبل و راستون و موريس دونى ثم سار وراءهم فويللارد و روسيل وبيو و فاركاد و روناى و فاللوتون والنحاتان لاكومب ومايول .
ولقد عمد فن الانبياء من قبل الشاعر كازاليس باسم نبى وهى كلمة مأخوذة عن العربية بمعنى النبى كما يدل عليها لفظها .
ولقد كان النبياء يجتمعون شهريا فى’ اوسا مول ؛ و اسبوعيا فى مرسم رانسون ، وكان كل منهم يلقب باسم خاص ، فكان يطلق على بونارد اسم النبى اليابانى ، وعلى فيركاد اسم النبىالمسلة ، وعلى فويللارد النبى الجزائرى (الزواوى) . وخلال اجتماعهم عند الأب تانغى اكتشفوا اسلوب سيزان و فان غوغ . وقد أقاموا معارضهم عند عميلهم صاحب حانة .و الذى خصهم بعدة معارض من عام 1891 الى عام 1897 ، ثم نمت صداقاتهم بلوترك عند ارتيادهم لمسرح الانتاج الذى أسسه صديقهم بوى ، فتعرفوا هناك على جميع مشاهير الأدباء الرمزيين ولقد تأثروا أيضا بغوغان وبوفى و رودون و مورو .
ونستطيع تلخيص عقيدة ( الأنبياء ) كما جاءت على لسان موريس دونى بما يلى :
1ـ ان رسومنا توحى ولا تعرف ، انها لا تحدد مطلقا ، انها تضعنا كالموسيقى فى عالم اللامحدود الغامض .
2ـ انها ترتكز على مفهوم جمالى وتزيينى محض ، وعلى مبادىء تقنية جديدة فى اللون و الموضوع .
3ـ ان غاية الفن هى جعل الطبيعة مثالية عن طريق ادخالها ضمن اطار رياضى صوفى .
4ـ اننا نجعل حدس الفنان فى المقدمة مهما خالف الواقع و الطبيعة واصول التصوير كقواعد التضاد و الشدة اللونية ، الا اننا نعتمد على شية اللون فى التعبير عن العواطف الراقية التى ننظر الى الموضوع من خلالها .
ولقد رسم الفنانون الأنبياء لوحاتهم بصوفية كلاسيكية محدثة متأثرين بالمشرق العربى ، أكثال دونى وسيروزيه و فيركاد . ولكن منهم من انشق مشكلا طريقة جديدة مثل بونارد وفويللارد و روسيل . بينما مارس فالكوتون الحفر على الخشب بالابيض و الاسودى .
و فى عام 1899 اشترك الفنانون الانبياء فى اخر معرض لهم فى صالة دوران رويل . وبعد ذلك كان لكل منهم طريقته الخاصة . وقد حاول رانسون ان يفتتح عام 1908 أكاديمية خاصة بطريقة الانبياء . ولكن الموت داهمه .فقام دونى و سيروزيه بمؤازرة زوجته فى متابعة رسالته .
ولقد زار أكثر الفنانين الانبياء البلاد العربية ومنها سورية من أمثال دونى و برنارد الذى أقام زمنا طويلا فى مصر ، مدفوعين وراء الاراضى المقدسة ، لأن اتجاههم كان صوفيا شرقيا ، فلقد ألم سيروزيه بالعربية ووقع بعض لوحاته بها، كما أتقن العبرية ، وارتدوا فى اجتماعاتهم ملابس شرقية مالعباءة ولجأوا الى الحمامات التركية ( لأنها أحسن طريقة للعيشفى جو شرقى ) كما يقولون .
أما لأسلوبهم فيتصف بالرمزية و الصوفية كما هو الأمر عند بونارد ودونى و فويللارد ، أو هو قريب من الرقش العربى كأسلوب رانسون .


|